مثل سنابلِ القمحِ المِعطاءة التي تشرقُ مع نسَمات الصبح لِتُعانقَ خُيوطَ الشمسِ و تستحمََّ بقطَراتِ الندى ، هكذا يصحو
من نظنُّ بأنََّه قابعٌ في العتْمةِ يلعنها و يلعنُ تلكَ اللََّحظةَ التي أودت بهِ إلى تلك الزنزانةِ الباردة…..نعم إنََّه لَتناقضٌ حقاً عجيب
أن يخرجَ المرءُ من حالةٍ هو فيها ؛ ليفتحَ أبوابَ عالمٍ موصدة لا يملك مفتاحَ لغتها إلََّا ذاكَ الأسير… يرثي العالمُ لِحالهِ و يحزنْ
ولا يعلمونَ بأنَّ حالَهم هو الّذي يُرثى لهْ ……. في عالمٍ باتَ بائعُ الأوطانِ و الأعراضِ حاكماً يأمر و آلَ الوعولُ إلى زنازينَ و
أقْبيةٍ مظلمة …. نعم يا سادةَ ذلكَ العالمِ المُهترئْ إنه اسيرٌ فلسطينيّ أبى الظُلمَ و أَنِفَهْ فباتَ في سجنٍ دافئٍ رَغم تجمُّدِ
أطرافِ دلوِ الوضوء …لهُ لمعةٌ كما الآلئِ في الصدفْ ….. وجهُ السجََّانِ فيه مُرْبَدّ و أصواتُ آهاتِ ذاك الأسير مُرَفرِةٌ أشرِعَتُها
نحوَ مرافِئِ الاعتزاز حتى أبْرقَتْ سُحُبُ شجاعتهِ ببارِقَةٍ نبيلةٍ لتهطِلَ سؤددًا على رؤوسِ من طغى و احْتَلََّ و اغتصب ..فاتركوا
ذاكَ الفلسطينيََّ في عزلته هو يأنفُ عن شفَقَتِكُم .. دعوهُ في رحلَته التي لا تخلو من نسمات الموتِ التي ما فَتأتْ تخطِؤُ
وجهَهُ المُنهَك ….. دعوهُ يمشي في ذلكَ الدربِ الطويل …. دعوهُ يأملُ بنهايةٍ مفرحة حينَ يرى سنابلاً كان قد نَثَرَ
بذورَها وراء أبوابِ عالمهِ الدَّفين لتُثمرَ قمحاً يتلألؤ تحت وطأةِ شمسِ عالمنا المُهْترِئ حتى يفهمَ سادتُهُ بأن من استلََّ سيفَ العُدوانِ أُغمِدَ في رأسهِ .
~ يوسف أبو آمنة ~
مقال رائع جدا وتحية لكل الاسرى المنسيين .. ويا حسرة على خذلاننا لهم ..
أشكرك أخي محمود 🙂 و صدقني الاسرى ليسوا بحاجة لنا كي نتذكرهم او ننساهم بل نحن بحاجة لهم و هذا مغزى ما كتبت 🙂