تُسابق ضوء الشّمس كل صباح لتجلس هناك، تتكئ على عتبة متجر اللّحوم، مرتديّة ثوبها المعتاد، ملتفحةً شالاً أبيض مطرّز. جاءت بأكياس المفتول لتبيعها وتطلب قوت يومها، وتحمل في عينيها حزناً يبدو أزلياً!
هي تنتظر، وربما الحزن قرين الانتظار، أتنتظر الزبائن؟ كلا، بل حدثتني مقلتاها بغير ذلك، قالت إنها تشتاق القدس، وتنتظر العودة إليها كلّ يوم ! تنتظر سجدةً في رحاب الأقصى المحررّ وغفوةً في أفياء زيتونه، وتنتظر رؤية القبّة المذّهبة وقد تحلّقت فوقها طيور التّمير! تنتظر اجتماع الأهل والتسامر معهم كما في الذّكريات هناك، حيث كل الأماكن!
مهلاً، ألست تنتظر ما تنتظر؟ ألم تدمع عيناك للقدس يوماً؟ لوطن يسكننا لم نسكنه، ألا تنتظر إزهار الرّبيع وضحكات الرّضيع لتبتسم؟ ألن تعترف؟ ألِأن في طيّات الانتظار هذا ضعفٌ ونقصٌ وخوفٌ ولحن ناي حزين؟
لكنني أعرف أنك تنتظر، أنك تشتعل، أنك تحترق كجمرةٍ ثم برمادك تختنق، حتى يأتي منقذك؛ ما تنتظر..تنتظر للأمّة أن تصحو من غفلتها، أن تنهض وتنفض غبار الزمن عنها، لتعيد ما كان لها من عزّة وهيبة، تتنظر قادة مقدامين لا يخافون في الله لومة لائم يرسلون طلقةً تدب الرّعب في قلب المعتدي، وتنتظر جنود القلم والبندقيّة المخلصين ليهبّوا كخليّة نحل مستنفرة، ويعيدوا الحق لأصحابه ويحموا بيت الله وكتابه.
وهذا ما أنتظره أنا المحدّق بالسّماء في ليلة تموزيّة، لأني أعلم أن الوطن لا يشترى من السّوق، ولا يسترد على طاولة، فالحق لا يرجعه إلّا ” فارسٌ ضاربٌ في الحرب جياشُ”!
3/7/2013