خطَّتْ أناملي يوم الأحد 27-7-2014 هذه الشموع :
أقبِلُ تجاعيد اليدين .. والوجه المجعد أطبعُ عليه قبلةٌ عميقةٌ ، أظلُّ ممسكة باليد المجعدة ، ثم أجلسُ لأستمع إليها وهي تسكب الحديث.
– “…وْ جِدَّكْ كَآنْ طَآلِبْنِيْ مِنْ أَبُوْيْ قَبِلْ مَآ يْسَآفِرْ .. “
تتكلم .. تتكلم .. تتكلم .. وتُسرفُ فِي الكلام !
نفسُ القصة أسمَعْهآ في كلِّ مرة أخصص وقتاً أرها به ، أي بمعدلٍ يومِي ..!!
” وَ كأنَّهآ عَآلةٌ عليكِ !! ” صوتٌ يقطعني ويغير مسار كلماتي ، فأقول :
– شُو طَبَخْتِ اليوْمْ ؟ .. بِحُنُوٍّ .
– مَقْلُوْبِة جَآجْ ، ثَلآثْ جَآجَآتْ عْمِلِتْ .. بِحَمَآس.
– أوْف..!! ، وَ الله كثير ! .. ارتفعتْ نبرتي قليلاً .
– لا لا مش كثير ، عَمِّكْ الكبير جَآي .. وْ مِشْ حِلْوِةْ بحَقنَا مَا يلاقي غدآ ! .
تصمتُ برهةً ثم تكملُ : مِشْ هِيْكْ ؟!
– آه و الله مَعِكْ حَق .. رددتُ.
من الذي أخبرها أن الزمن الذي زاد من تجاعيدها لا يمكنه العبث بقلب العم الكبير ، ابنها ، ليمنعه من زيارة والدته في أول أيام العيد؟
أكملتْ القصة كلها وحينها استرحتُ إلى فكرة أنه من المرغوب لي أن أغادر الآن ، لكنَّ ثمة شيء ما جعلني أُلْفِتُ نظرها إلى عِقْدي،،ذلك الذي أهدتني هي إياه قبل أيام.
– ” يا الله … ! … يا الله … ! ، اللهم صلِّ على سيدنا محمد ! ، مَزْيُونِة يا بِنت الغالي مَزْيُوْنة … ! “
عدت أقبل كما فعلتُ في البداية و أسكب أنا : “يطول عمرك .. يخليلنا إياكِ ” ، وأقول مداعبة : ” يخلِّي ولادِكْ ” !
هذه المرة هَمَمْتُ حَقَّاً بالمغادرة ، لكن ثمة شيءٌ أقوى من السابق جعلني أجلسُ بِقُربها فترة أطوَل ، هِيَ لم تفعل غير نفثَ الدخان من سيجارتها ، وأنا لم أفعل غير التأمل بوججها ال… سأترك الوصف إلى النهاية ..!!
في العينين الزرقاوتين شاهدتُ وَحْشة ٌ في مدينة الأُنْسِ ، وفي الدخان المتطاير الذي تلحقه زرقة العينين شاهدتُ كل سنين عمرها التي افنتها في “عمي الكبير ” وأبيه و إخوته منذ أن كانت في مِثْلِ سِنِّي ~
وحين راقبتُ جزء السيجارة المحروق الذي يأبى إلا أن يهبط على ثوبها الابيض الذي ارتدته بعد خروج أعمامي ، الثوب الذي لا تلبسه إلا فترة الطبخ و الذي لم يكن مخصصاً للعيد أبداً ، وحين تلبسه ، في أيامٍ كهذه ، أدرك – أنا الحفيدة التي يبلغ ترتيبي الثامنة والعشرون- أنها ليست على مرام !
تلك الليلة لم أغادر إلى أن اطمأنَنْتُ أنها غَفَتْْْ بارتياح ظاهر و حزن باطن لا يمكن إزالته إلا بعمي الكبير الذي لا يُرَى إلا في الأحلام و أحاديث النفس ..!!
عزَمْتُ ألا أخلع القلادة وإن كان طِرَازُها قديمٌ و لا تليق بما أرتدي ، حسبي أنها تليق بمرأى جدتي..!!
حين أكره العيد، لا أكره إلا لأجلها ، لأنها – و بمن أنجبَتْ – وحيدة …
حتى في العيد،،
ذاك الموسم الذي يُكْرَمُ فيه يتيم الأبوين ويُنْسَى يتيم الأبناء !!
الدهر يومان .. ازرعْ ! فإنك والله حاصدٌ عما قريبٌ !!
فربك يُمْهِل .. وَ لا يُهْمِل !
يا إلهي :'(
كم هي محزنه ؛ كلنا ضحايا يتم ما !
أدام الله حروفك يا فتاه ؛
ويديم الجده فوق روسكم ويطول عمرها يا رب ♥
كلام مبكي صراحة 🙂
رائع …..