سمعناها كثيرًا..
حكاية “الرّاعي الكذّاب”..
راعٍ في ذاتِ يَوْمٍ مَلّ..
سَخَطت روحهُ واكتئب..
فتزيّنت في باله الكذبة..
وراحَ يصرُخُ في أهلِ قريتِه..
أن أنقذوني..
الذّئب هاجَمني..
والقطيعُ يضيع..
فهبّوا لنجدته..
فما رأوْا ذئبًا..
بل كانَ القطيعُ في سلام..
ضحكَ الرّاعي وذهب ملله..
مرّ أسبوع..
وعادَ صاحبُنا للمَلل..
وعادت أفكارُ أبليسٍ تُخاطبهُ..
فأعادَ الكرّة..
يا أهل القرية: ذئٌب ذئب..
والحال هوَ الحال..
فسخِطَ منهُ الجميع وتنكّروا لتصرّفه..
وبعدَ أيامٍ مَضت..
هاجم الذّئبُ قطيعَ صاحِينا..
استنجد بأهل القرية..
لكن هَيهات هَيهات..
فمن ذا الذي سيصدّقهُ من بعدِ هذا اليوم..
وندبَ صاحبنا حظّه واحتقر فعلته.. لكن.. بعد أن فَنِيَ القطيع..
ما أصعبها يا صاحبي..
وما أبشعها أن تشعُرَ نفسك مثل ذا الرّاعي..
رٌبّما تباعَدت التّفاصيل..
وربّما اختلفت المواضيع..
لكنّ فحواكما واحِد..
نُكرّر الذّنب حتّى نعتاده..
ويُصبِحُ جُزءًا لا يتجزّء من أيّامنا وعادتنا..
بل يصير غيابُهُ هو الغريب..
ونكرّره ونكرّره..
حتّى نيأسُ من أنفسنا..
ونغضب..
يا صاحبي كم هي هيّنةٌ أن يَراك النّاس هَيّنًا أو كذّابًا..
أمام أن ترى نفسك – أنتَ بنفسِكَ – بهذه الصّفات..
فكلام النّاس لهم وملامهم عليهم..
ولكَنَّ نفسك فيكَ وأنت فيها ما انفكَكْتُما..
سَفرٌ يعيدٌ هو..
بلا مَتاعٍ ولا أنيس..
وحيدًا.. ستجتازهُ وحيدًا..
فرمّم من الفُتاتِ أشلاء نفسِك..
وحاول -ما حَييت- أن تعودُ بها إلى الصّراط المُستقيم..