(صوابعك مش زي بعضها) تتردد هذه العبارة في مواضع كثيرة، من اهتمامات شخصية، و مقارنات، و اختلاف آراء….إلخ، فهي تتخلل في أمور كُثُر، فالبشر عمومًا، و اتحدث عن المصريين بشكل خاص، مختلفين فيما بينهم، فيغفو الفرد و هو على رأي، و يصحو على نقيضه، لكن ينقشع الضوء عن تلك العبارة فيما يتعلق بالفخر، خصوصًا إذا كان للفخر سبيل إلى الوطنية، فنسلمُ بقول حسن يخرج من فيه عظيم، و نجهل الذم، أو الخداع إذا نطق به نفس اللسان، إضافة إلى ذلك لا نهتم بأصل القول أو سنده، فطبيعتنا انتقائية لا موضوعية.
و تظهر هذه الطبيعة في تجليات عديدة، فيفخر البعض، و بتعصب، بأن الجندي المصري هو خير أجناد الأرض، مستدلاً على الحديث المنسوب لرسولنا الكريم –عليه الصلاة و السلام- حيث قال:”إذا فتح الله عليكم مصر فاتّخذوا فيها جنداً كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض”، في حين أن هذا الحديث ضعيف، بل و قال بعض العلماء مثل الشيخ “أبو إسحاق الحويني” أنه باطل؛ لضعف السند، فمن ساندي هذا الحديث “الأسود بن مالك” و “ابن لهيعة”، فالأول ليس له تاريخ أو خلفية في سند الأحاديث، و الثاني اشتهر بسوء حفظه، إضافة إلى أنه كتبه قد احترقت.
و يفخر البعض بقول “هتلر” (النمساوي و حاكم ألمانيا) مادحًا الجيش المصري حينما قال:”لو كان السلاح الروسي في يدي، و العقل الألماني، و الجندي المصري لغزوت العالم”، بينما يتجاهلون ما قاله نفس الشخص في حق المصريين، فيقول بالنص في كتابه “المصريون لن يفلحوا في زحزحة الكابوس البريطاني و لن يذهبوا في التضحية إلى حد الجود بدمائهم في سبيل قضية اخوانهم”، و يكمل حديثه فيما يتعلق بكيفية مواجهة بريطانيا قائلاً :” و انا كعنصري اتخذ من الأعراق مقياسًا لقيمة العتاد البشري، لا ابيح لنفسي ربط مصير شعبي بمصير شعوب تحتل في التسلسل العنصري مرتبة وضيعة”، و يقصد هنا المصريون و الهنود.
و نرجع بالذاكرة إلى الثورة العرابية، و الموقف الشهير الذي حدث بين “أحمد عرابي” و الخديو “توفيق”، و أصبحنا نضرب المثل بـ”عرابي” في مواجهة الظالمين، و البحث عن الحريات، لكن لا أحد يتحدث عن رسالة “عرابي” إلى محاميه الإنجليزي “بلنت” قبل نفيه، حيث قال مادحًا بريطانيا :”أريد أن أعيش بين إخواننا الذين يرعون حقوق الإنسان، أعيش رجلاً حراً في أرض الحرية، دون أن أكون متحفظاً علىّ، أو تحت رقابة”، و نحن نعلم أن بريطانيا كانت قد هزمت عرابي في موقعة التل الكبير عام 1882 و تم احتلال مصر.
الرؤية المعيبة ينتج عنها فخر زائف و منقوص، و الدخول في مهاترات و صراعات لا داعي لها، لكن الحل للنجاة من ذلك سهل و سلس، و هو النظر إلى ألوان قوس قزح كلها، دون الاكتفاء بالنظر إلى لون أو اثنين.
شاهد أيضاً
تعويذة منمقة صقلوها فألصقوها
مهيئون نحن دوماً على وضعية التمني، نحاكي أحلاماً كثر ولكنّ أقل القليل منها يصيّر إلى …
أصبت 🙂