أخُطُّ ما دامَ هذا القلْبُ فيهِ دَمُ \ وأكتبُ القوْلَ شِعْراً مُرسَلاً لهُمُ
لعَلَّهُمْ مَرَّةً يَدْرُونَ عَنْ كَلِفٍ \ أصَابَهُ الشّوْقُ حتّى اعْتادَهُ الألَمُ
لعَلَّهُم مَرَّةً سَمِعوا فبادَرَهُمْ \ أسًى شفيفٌ على مَنْ صوْتُه القَلَمُ
هذا أنا عِشْتُ أيّامي على أمَلٍ \ فما يُؤمِّلُ مَنْ يَدْنُو لهُ الهَرَمُ ؟!
حَتَّى رَأى كُلَّ ما فِي العَيْشِ مُحْتَقَراً \ ووَدَّ لو أنَّ ما في عَيْشِهِ عَدَمُ
الزُّهْدُ ظاهِرُهُ والجُرْحُ باطِنُهُ \ وكانَ أعْظَمَ ما في جُرْحِهِ النَّدَمُ
غَدَتْ تَجاذَبُهُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ \ بَلوىْ ويَكْفيهِ أنّ القلبَ يَضْطَرِمُ
ورُبَّ نَفْسٍ رَثَتْ للموتِ صاحِبَها \ ومستهامٍ بَدَتْ في مَوته نِعَمُ
فَنُحْتُ حَتّى شَكَتْ عَيْنايَ ما بِهِما \ وبُحْتُ لكنّ في أسْماعِهِمْ صَمَمُ
وبانَ للنّاسِ مِنْ حالي فأحْزَنَهُمْ \ بِقَدْرِ ما أفْرَحَتْ عُذّالِيَ النِّقَمُ
فَلَمْ أعُد أسمعُ العُذّالَ إذْ عَظُمَتْ \ بيَ الهُمومُ وقَلْبي شاجِنٌ كَلِمُ
لَهُمْ بِهذا نَصيبُ الحِقْدِ، فهو لَهُمْ \ فَلَمْ تَعُدْ تَرْتَقي أسْماعِيَ التُّهَمُ
لُومُوا عَلى قَدْرِ إخْلاصِي وحُرْقَتِكُمْ \ وكَذِّبوا كُلَّ هذا الحُبِّ وانْتَقِمُوا
ومَجِّدُوا الظُّلْمَ لا خَوْفٌ ولا خَجَلٌ \ فما يَضُرُّ الوَرى لو أنَّهُم ظَلَمُوا!!
***
يا أرْضَ عمّانَ هُبّي بالنَّسيمِ صَباً \ لعلّ مَنْ كانَ يَصْبو راقَهُ النَّسَمُ
وأنّهُ لمْ يَزَلْ في كُلِّ ناسِمَةٍ \ يَسْرِي بِهِ أمَلٌ يُحْييهِ أوْ نَغَمُ
فلْتُكْرِميهِ وأنْتِ الآنَ مَنْزِلُهُ \ وليسَ مِنْ مِثلك يَسْتَبْطِئ الكَرَمُ
***
إلى حَبيبٍ يُنيرُ الكَوْنَ مَطْلَعُهُ \ وتَسْكُنُ الكَوْنَ في إدْبارِه الظُّلَمُ
ليَتْرُكَ البَدْرَ في الظّلْماءِ مُنْتَظِراً \ يُراقِبُ الصُّبْحَ لمْ يَظفَرْ بهِ السَّأَمُ
عاهَدْتَنَا مَرَّةً لمّا ابْتَسَمْتَ لَنا \ وأيُّ عَهْدٍ أَتانا حينَ تَبْتَسِمُ!!
عَهَدُ المُحِبّينَ عَهْدُ الوَصْلِ أحْسَبُهُ \ فمالِ عَهْدِكَ لا تُرْعى لَهُ ذِمَمُ ؟!
***
إلى حَبيبٍ طَوى عَنّا مَحَبَّتَهُ \ طَوَيْتَ قَلْبِيَ عَنّي أيُّها الحَكَمُ
ولَمْ تُراعِ الهَوَى والشَّوْقَ فِي وَلِهٍ \ قَدْ ظَلَّ دَهْراً بِحَبْلِ الحُبِّ يَعْتَصِمُ
تَرى المُحِبّينَ قَدْ أعْلوا لِواءهُمُ \ وعندنا باتَ لَمْ يُرْفَعْ لَهُ عَلَمُ
***
إلى حَبيبٍ رَمى للهَمِّ مَنْزِلَنا \ فَأوْحَشَ الهَمُّ فابْيَضَّتْ لهُ اللِمَمُ
أقْسَمْتُ ألّا يَعِيشَ الهَمُّ فيَّ فَهَلْ \ أقْسَمْتَ أنْ لا يَبَرَّ اليَوْمَ لِي قَسَمُ؟!
فها ترانِي وَشيكَ المَوْتِ أرْقُبُهُ \ جِسْمِي لِلَحْدي الّذي أعْدَدْتَهُ سَلَمُ
فإنْ رَأفْتَ بنَفْسِي يَوْمَ مَصْرَعِها \ وَلَيْسَ للنَّفْسِ مِنْ آجالِها عِصَمُ
ناشَدْتُكَ اللهَ أنْ تَأتِي عَلى قَبْرِيْ \ لتَأنَسَ القَبْرَ مِنْ إيْنَاسِكَ الرِّمَمُ