فاصلةُ أوّل السطر ! .. طاولةٌ بقدمٍ واحِدة .. ولوحُ زجاجِِ مهشّمِِ كأنّه وجهُ الأوّل مِن ديسمبر كمّا يدّعي الإنسانُ المتعطّش للمطر و الحبّ ..
ذهبتُ إلى بيتي القديم .. لمْ أجد سوى جدار واحد ملطّخ بالأزياء الفرنسيّة الحزينة .. و أمامه طاولةٌ فقيرةٌ دونَ طعام يسترُ وجهها الأملس كقطّةِِ بثيابِِ رثّة .. ! ..
لمْ أجِد صورةََ أُخفي بها أوجاعَ الجدرانِ الأخرى .. بدأتُ بتأثيثِ الطاولةِ بشكلِِ سيءِِ و أنيقِِ حتّى بدتْ كشهرِِ حرامِِ مكتمل الأيامِ و الابتهالات ..
وضعتُ صندوقَ دموعي المغلق من جهةِِ واحدة فلا يحفظُ الدموعَ بشكلِِ وفيّ .. فبعضها يهطل خطأََ إلى السماء .. أو السقف ..
وضعتُ تحفةََ فنّيةََ على شكلِ عُمرِِ مسروقِ الأيام و المصائب .. و ألقيتُ على حافّتها اليُمنى علبةََ من الضوء كنتُ قد احتفظتُ بها عندما كنتُ أغفو بينَ أضلاعها جميعا إلا الضلعَ الأعوج .. الذي ليّنَ بحنانِه الحوافَّ الحادّة للدائرة في شكلها السابق ..
و قلت في صوتِِ مرتفعِِ لم أسمعه : سأشتري لها قفازا ..
لأني لو لامستها عن طريق الصدفة المعدّة مسبقا .. سأتقيأ كل شيء سوى الحب و هي !! ..
سأعيش بين الملكوت و الجنة .. و برزخي في أحضانها .. و عذاب القبرِ ” قبلة ” .. !!
و في أدراجــها نثرتُ ما تبقّى من جسدي بطريقةِِ ثائرةِِ بشكلِِ مثيرِ جدّا ..
و ضعتُ أحلامي و بقايا السجائر و القصص التي لمْ تكتمل بعد في الرفّ الأعلى تحتَ الوجهِ الزجاجيّ للحياة المرقّعة من ثلاثة جوانبِِ إلّا الجانب الذي يحتوي مسْكَنها و ثيابَ قلبي و بعض قصاصاتِِ كانتْ قد خطّتها عندما كانت ترضعُ من الجدران ! ..
و في الرفَ الأوسط .. وضعتُ فاصلةََ و نقطةََ و علامةُ حبِِ و قبلةِِ مؤدلجةِِ بنوايا سياسية سيّئة ..
و في الدرجِ الأسفل من الحياة ! .. و ضعتُ عجوزََا كهْلََا جافَ الملمس لأعلّق على جسدِه ذكرياتي المعدنيّة الحادّة ..
و عند استراحة المؤذّن الأولى .. فارقتْ الطاولةُ الحياة .. !!