“و اللحظه الأخرى الصادقة هي لحظة الخلوة مع النفس حينما يبدأ ذلك الحديث السري .. ذلك الحوار الداخلي..
تلك المكالمه الإنفرادية حيث يصغي الواحد إلى نفسه دون أن يخشى أذناً أخرى تتلصص على الخط..
ذلك الإفضاء و الإفشاء و الإعتراف و الطرح الصريح من الأعماق إلى سطح الوعي في محاولة مخلصة للفهم..
و هي لحظه من أثمن اللحظات..
إن الحياة تتوقف في هذة اللحظه لتبوح بحكمتها..
و الزمن يتوقف ليعطي ذلك الشعور المديد بالحضور .. حيث نحن في حضرة الحق .. و حيث لا يجوز الكذب و الخداع و التزييف .. كما لا يجوز لحظة الموت و لحظة الحشرجة..
إننا نكتشف ساعتها أننا عشنا عمرنا من أجل هذة اللحظة و أننا تألمنا و تعذبنا من أجل أن نصل إلى هذة المعرفة الثمينة عن نفوسنا..
و قد تأتي تلك اللحظة في العمر مرة فتكون قيمتها بالعمر كله ..
أما إذا تأخرت و لم تأت إلا ساعة الموت .. فقد ضاع العمر دون معنى و دون حكمة .. و أكلته الأكاذيب .. و جاءت الصحوة بعد فوات الأوان..”
-الدكتور/ مصطفى محمود
-كتاب / رحلتي من الشك الى الإيمان