أعيش الغربة
استوطنها أصحاب القلوب المشردة
بنو فيها بيوتاً وأقفاصاً للحرية
وولدت في الغربة
في لياليها السوداوية
بلا نجوم ، بلا أقمار !
سماؤها بلا غيوم ، بلا أمطار ..
ونشأت في الغربة
ركضتُ في ساحاتها الضيقة
ولعبتُ بين أزقتها المظلمة
وأحببتُ في الغربة
أسفل الأعمدة العالية
تجلس فتاةٌ صغيرة
كان اسمها “الوحدة”
أسفل تلك القصور العاجية
وفوق تلك الأنهار
المعاكسة للتيار
ركضنا بين غاباتها
نطير بين أغصانها
نلهو تحت أشجارها
التي تظلنا عن نور الحرية
وتحجب عن أقفاصنا الضيقة
دفء الأوطان وتأخذ منا
الفطرة البشرية !
وعزمت الرحيل عن الغربة
وناديت تلك الفتاة
وأخبرتها عن وجهتي البعيدة
إلى ما وراء تلك الأسوار
وخلف أقفاصنا الضيقة
أبحث عن سر الغربة
وعن سر الأوطان
وعن ماذا يبحث بني الإنسان
تعلقت بي الوحدة
وهربت بي إلى حيث أشاء
وتركت خلفي وطن الغربة
ورميت في أرجائه
أحاسيس الحنين إلى الغربة
والبحث عن الوطن
وكتبت لأهله برقية سلام
لا وطن بلا حرية
ولا غربة بلا وطن
ولا حرية بلا بشر !