وفي ليلة ما..
كاد القمر فيها ان يلامس الارض..
كان بدرا ساطعا ما شابه شيء…
في تلك الليلة..
ناداني قلبي بأن تعالي سأخبرك سرا…
وقال :
“أَحَبُّ الصحب لدي أبسطهم…”
حيث لم تؤلميني منهم بشيء…
ولم تدعي نبضي يتضطرب في يوم لتكلّف معهم..
ولم تؤرقيني يوما منهم بشيء..
ولم تثقليني منهم يوما بعبء السؤال بلِمَ حدث هذا ولمَ لم يحدث…
ولم تأوي لليل يوما وبداخلي منهم شيئ يثير السؤال فيّ.. فيؤرقك ويؤرقني…
أجل أبسطهم..
أترين كيف يتجلى لك القمر جليا؟
أنا كذلك معهم…
حيث أبوح بما شئت.. فتبوحين
وأفعل ما شئت.. فتفعلين
وأضحك كما شئت.. فتضحكين
وأبكي كما شئت.. فتبكين
وأُجُنّ كما شئت.. فتُجنين
وأشكو وألهو..
دون أن يجيئك منهم سؤال “ما الذي تقومين به!”
ودون أن يوقفك أحدهم بنظرة مؤلمة
أبسطهم
أولئك الذين يفهمون جنونك..
ومهما بدر منك.. لم تشكّي في لحظة أنهم حملوا شيئا او أزعجهم شيء منك… أو شوَّهَنَا منهم ظن سيء فينا…
أحبهم إلي أبسطهم
ذاك الذي يشاركني بساطته
فتكونين معه ويكون قلبه معي…
فقلبك وقلبه من فرط البساطة يلتقيان…
فليس يمنعني عنه شيء من خوف أو تكلف…
ثم صمت قلبي…
وقال راجيا…
أن أزيحي عن كاهليّ هَمَّ أولئك
الذين حين نلقاهم فعلي أن أنفصل عنك للحظات
لتكوني غيرك للحظات..
خوفا من الكثير…
ودرءا للكثير…
وقال بصوت مخنوق أخيرا…
تذكري…
أن أبسطهم ما فكر يوما بأن يؤذيك..
وما فكر يوما كيف يمكنه أن يوقفك أو يوقفني…
فبكل بساطة أبسطهم.. يفهم جيدا بساطتك.. وتجرّد تصرفاتك من كل ظن سيء…
فاتركيني مع أولئك…
ودعي عني وعنك عبء البقية…