و ليس سواء قلب احتسب نفسه لله عبدا ، و قلب احتسب الله ربا ، و دعاه بقلب لا ينفك يناجيه ، و دنا منه يرتجيه ، و أتى الله بقلب سليم ، فكيف بك تبتئس و ربك الله ؟
و كيف تجتاحك موجة من بؤس لا تنتهي ، و لا تكاد تخرج منها حتى تدخل بأخرى ، و ترتجي من الله عفوا بعد ذنب ، و تستمر في الذنوب سبيل حياة ، و لا تنفك تهلك نفسك بشهواتها ، و تبث فيها قبحا بعد قبح يتلوه قبح ،، |
و يحدث بعدها أن تكتشف أنه لا يتركك ، و لا يرجو منك إلا تقربا بدعوة تبث فيها ما بقلبك ، و تشعر حينها أنك كمبتور اليدين الذي يشعر أنه إنسان كامل ، لا حاجة له لشيء إلا رضاه ..
عندها لا تحتاج إلا إلاه ، و يكفيك عن الدنيا و ما فيها ، و تلقى الله بقلب سليم ، كسلامته مذ ولدت ، و كفطرة الإيمان قلبا ، و كالإسلام دينا ،..
و كيف بك تدنو منه و لا تراه .. و كيف بالإيمان يعتري جوانب نفسك دون أن تلقاه ، و لأن رؤية الله محلها القلب و لأن البصيرة أكبر من بصر ، و لأن القلب عين المؤمن و عين الإيمان ..و لأن الله إذا فطر قلبا على الإيمان ، صارعته النفس بالنفس على خلاف ذلك ، و نازعته كنزاع الروح للجسد حين الموت ، و التفت الساق بالساق تحاول بها تيها عن رب الكون ..
و حينها فلتترك لقلبك البصر ، و لتغمض عينيك لأنها لا ترى إلا عتمة في نور ، و لترح جنبات نفسك بين نفسك ، و لتضعها بين يدي خالقها ، و باعدها عن شهواتها ، و انتظر منها حلما يكبر .. قلبا يكبر .. إيمانا يكبر .. و روحا تلقاك في الجنة .. و دربا تسير به بنور الله ، و تصحو على هداية تبث جمال الأرض فيك ، و تجد نفسك تقاتل نفسك لرضاه ..
و عندها فقط .. تكون قد رأيت الله بقلبك لا بعينك ..